[الطائرالحزين]

يالله كم في حياتي من مُنعفطات !
وكلما انْعطف بي الطَّريق مرة ًفي وادي العُمُر
تبدَّلت المناظر من حولي ..!!
.
.
في وادي العُمُر
مسيرةُ حياة ُطائرٍ حطَّ ليستريح
.
.
طاطا

[الطائرالحزين]

في وادي العُمُر
أمر بكم في ضاف ذلك الوادي
وعلى سفح ذلك الجبل
أمر بكم مرور السائح لا مرور الجندي
فالجندي لديه مُهمَّة مُحدَّدة ومكان ٌمعيَّن
أما السائح فيقطف لكم من كل بستان زهرة
ومن كل منظر ٍخلاب يلتقط لكم صورة
فسأكون هنا مصوراً فوتوغرافياً وبائع ورد
السائح يلفت نظره طبيعة جذابة وأماكن مبهرة
فيقف معكم للحظات ليمتعكم بها
فما مثلي هنا إلا كمثل سائح
جاب الدنيا وأخذ قالباً فوضع فيه
كل جميل ليريكم هذا القالب
أتعلمون ما القالب أنه
"وادي العُمُر"

[الطائرالحزين]

أنا هنا الليلة لأقول لكم :
أنا أكتب ذكريات لا مذكرات
وربما سأل سائل وما الفرق ؟؟
أقول أن المذكرات تكون متسلسلة ويحكمها نظام معين وطريقة محكمة
المذكرات لا تكون إلا للناس المشهورين من حكام ووزراء ومرؤوسين
لا تكون إلا لأرباب العلم والأدباء
أما أنا الطائر فلست مما ذكر أعلاه البتة
فأنا رجلٌ ليس له ذكر
لست من أعلام العلم ولا من أهرام الأدب
بل مثلي مثل طائر تحكمه عوامل التعرية والمناخ
يومٌ هنا ويومٌ هناك
وأما الذكريات فهي تأتي بلا نظام أو قيود
كلما تذكرت حدثاً أو منعطفاً من منعطفات حياتي قلته لكم
فتارة أقدم وتارات أأخر
ولكن أعدكم أن أنهج نهج النوارس وأن أكون أمامكم عندليباً
أعدكم أن لا أهاجر إلا إلى أجمل الأمكنة ولا أحط إلا على أرقى المناظر
ولا أكون إلا "فتوغرافيا" بيده احترافيه
لا يجلب لكم إلا لحظات محبوسة ولا ينتقي لكم إلا خفقات مهووسة
.
.
تنبيه ستدفعون ثمنه
أنا بليت بقراءة كتب الأدب
بمعنى أنني بليت بالاستطراد
فمن راقت له فليطردها إن استطاع
ومن لا فليقرأ ما بعدها
وأظنكم كذلك
.
.
من هنا سأبتدئ الرحلة في وادي العمر
وقبل البدء سأخبركم أنني سأتكلم من المنعطفات التي أثرت بحياتي
وسأقولها هنا إجمالاً على سبيل الحصر
منعطف قصة أبي وأمي قبل ولادتي
منعطف يوم ولادتي
منعطف رضاعتي من جدتي ( أم أمي )
منعطف يوم كسر ظهر أبي (في حرب الخليج)
منعطف يوم دخولي المدرسة
منعطف قراءاتي ومطالعتي في الإبتدائية
منعطف يوم بلوغي الحلم
منعطف يوم تقاعد أبي
منعطف أول مخيم صيفي ألتحق به ومنعطف آخر
( وكان في الصف الثاني الثنوي)
منعطف يوم إمامتي للمسجد
منعطف يوم تخرجي من الثانوية
(وحصولي على مكافأة وكانت أول جوال أقتنيه)
منعطف أول يوم في الجامعة
منعطف حضوري لدرس الشيخ عبد الرحمن العجلان
منعطف خروج الحج
منعطف حجة الإسلام
يمنعطف يوم تسجيلي في المعهد المكي لتعليم الكتاب والسنة
منعطف يوم تسجيلي في المقرأة القرآنية الثانية في العوالي
منعطف يوم مات جل زملائي
منعطف يوم انتهائي من كلية الشريعة
منعطف يوم تسجيلي في الإعداد التربوي التتابعي
منعطف إلقائي لأول درس ألقيه بالجامعة
(وكان للمارسة)
منعطف وم نصايح المعيد :فهد القحطاني
منعطف بداية القراءة والمطالعة
منعطف ذكريات علي الطنطاوي
.
.
وكل هذه المنعطفات ماهي إلا جزء بسيط من حياتي
ويليها منعطفات شتى
.
.
الطائر

[الطائرالحزين]

هنا اليوم سأتكلم عن الأم التي أنجبت أمي وأبي بل كل أحبابي
بل أنجبت وادي العمر وقبل أن أتكلم عن الولد سأتكلم عن الأم
التي من ظئرها قوي الطفل ومن أحضانها نشأ وترعرع الولد
أنها أمي جازان التي تعرفونها
وربما البعض يستحي أن يسمي أمه أما أنا فلا أستحي بل أعتبره كفراً بواح
وأعني هنا المعنى اللغوي
ياسادة القراء
لم يكتب شعرٌ في أي مدينة كما كتب عن جازان
ولم يتغن الفن والفنانون مثل ما تغنوا بجازان المدينة وجازان المنطقة وجازان الإنسان
جازان لا تشبه إلا نفسها وأهلها هم الأنموذج الأمثل في حمل حضارة المدينة أو المنطقة
ومن ثم تعميمها على أنها حضارة وطن
ومن هناك من عمق أرض جازان ولدت أجيال في شتى مناحي الحياة
وأجيال أرثت ما يجب أن يؤرث وأخرى تقدم حضارة جيل
جازان التي في خاطري هي التي أعيش بها وأعيش معها إنساناً وأرضاً
في أقصى جنوب الوطن تقع جازان وفي أقصى جنوب القلب تسكن جازان
البعض يراها مدينة عفوية تحبها من أول نظرة
وأنا أراها قصيده لا يكتبها أي شاعر ففي عمقها من الأسرار
ما جعل البحارة يرددون وكم فيكِ ياجازان من الأسرار
هل علمتم مرة أن للتاريخ ذاكرة اسمها جازان
ولكن لم تعلموا أن الكتاب عند شباب جازاني
يجيء في الأهمية بعد الرغيف
عفواً أحبتي ضاق المكان ولم يزل لحب جازان أكثر من بقية
وقبل أن أنتقل من الحديث عن أمي
أذكر لكم أنه ليس بوسع من زار جازان إلا أن يحبها
ولأن الحديث عن جازان يفتح آفاقاً للحوار فلا بأس أن تذهبوا
إلى جازان الأم أو الجزيرة التي في خاصرة جازان
وكأنها خاصرة امرأة ممشوقة القوام تذهب عقلك بمشية الخلخال
أذهب إلى جزيرة الحلم لمراقبة النوارس وطيور مهاجرة مستقرة على جنباتها
وعصافير تمنحك السعادة وأنت تشاهد أسراباً منها
تحلق بك في سماء الخيال وتحفزك لتقول هذه هي جازان
أو الأودية التي تتوه بها من كثرها وعلى هرمها وادي "لجب"
المعجزة الربانية التي لا يعرفها كثير من أهلها
وكل مافي جازان يدعوك للمكث فيها
.
.
كنت في زيارة لجازان مع جامعة أم القرى في السنة الأولى
أي قبل ما يزيد على أربع سنين من اليوم
وكانت ضمن برامج النادي الإجتماعي في أم القرى
وبحكم أنني من جازان سبقتهم لاسقبالهم هناك
فمن لا يعرف جازان فإن الكرم الصفة الأولى التي يتحلون بها
وكنت باستقبالهم في المطار
وركبنا الباص متجهين إلى بيت الشباب للمكث فيه والنوم
فكلما مررنا من مكان وإلا وصديقنا يقول :
والله لديهم حلاقين ولديهم مغاسل ولديهم مطاعم ولديهم ولديهم
وأنا كما لا تعرفون "شرس في الدفاع عمن أحب"
كتمتها بقلبي إلى أن مكثنا ونزلنا أغراضنا
وقبل النوم كالعادة أجتماع تعطى فيه التعليمات قبل النوم وما سنفعل غداً
وأخبرونا أننا ذاهبون إلى فرسان والسباحة هناك وصيد السمك
فقال صاحبنا غفر الله له "لديهم بحر وسمك"
وأنا اتمثل حال الأغنية "للصبر حدود يا حبيبي"
أرأيتم لو أن بركة ساكنة ومعك حصى صغيرة
كل مرة ترمى حصى في وسط البركة الساكنة
فتتحرك وتتحرك بداخلها الدوار حتى تصل إلى جنباتها
ثم ترمي بحجرة كبيرة فإن الأمر يختلف
والدوار من قوتها تخرج إلى خارج البركة
فأنا كنت البركة حينها وزميلي كان كالذي يرمي الحصى ثم رمى الحجرة
فطفح الكيل كما فح الماء
وأنا كما يقول الشاعر:
أنا كالماء سهل سائغ ** وإذا سخن آذى وقتل
فألقمته حجراً بكلماتي التي كانت كأسنان ضرغامٍ ومخالب نسرٍ جائع
فقلت له : انظر لبحرنا هنا وبحركم هناك وأقصد جده
انظر لنسائنا هنا ونسائكم هناك
أتريدنا أن نتبرج ونتعري أمامكم كما تفعل نسائكم أمامنا
أتريدنا أن ...
إلى أن قام المشرف علينا ووبخنا
فقمت على المشرف أيضاً ولحقت بعض من مخالب كلماتي
وقلت لهم هذا جزاء كرم استقبالكم
فقام الدكتور عبدالله وهو من أبناء المنطقة وهدأني أمامهم
وشكرني خفية عنهم حتى أنني أحتقرته
.
.
جازان التي أعرفها لو قلت فيها ما قلت سأكون مقصراً في حقها
فهي جازان العلم وجازان الشعر والأدب
.
.
هذهِ نبذة بسيطة عن أمي التي ولدت أمي وأبي